على سمع الوجود طغى النِّداءُ
فحيّاه بفيلقه اللّواءُ
وزمجر في الفضاء الرّحْبِ
تَطلّع للعُلا منه السَّناءُ
كأن ملاحم التّايخ فيه
كما يَهوَى يُسيِّرها القضاءُ
تَهيم على مَواردها نُفوسٌ
لها في صفحة المجد احتباءُ
وكَم عَصفت بسيرتها اللّيالي
فما وَهنتْ عزائهما الوِضاءُ
لها في كل ّ بادرة منارٌ
يُعانقه التّطلُّع والوفاءُ
ومَن تكن الموارد ألهمته
ففي وطني لمولده رخاءُ
بَني الأمجاد هذا اليوم يومٌ
له في صفحة الدُّنيا ضياءُ
فحيّوه بمأثرة وبذْلٍ
وتضحية يخلّدها الثّناءُ
فما بَذلُ الدِّماء سوى كفاحٍ
على أشلائه يعلو البناءُ
وما شعبُ الجزائر غير شعبٍ
لَنَا فيه المحبَّةُ والإخاءُ
وما ((أوراس)) إن هتفت وثارت
سوى ((الفيحاء)) حقّ لها الولاءُ
فلبّوا داعي الأوطان واقضوا
لبانتكم فقد تَربَ الرّجاءُ
دِمَاء الطُّهر يسفكها الأعادي
على أرض أضرَّبها الشَّقاءُ
فكَم من مُهجة دارت عليها
كؤوس الغدر يترعها البغاء؟
وكَم من ثائر حُرٍّ أبيٍّ
ثَوَى في الأرض تغمره الدِّماءُ؟
مَجازر في (( الجزائر )) والغاتٌ
ضحيّتُها الكرائم والسِّباءُ
أقامتها (( فرنسا )) حين ثارت
عليها الأرض تحرسها السّماءُ
ودَمْدَم في رِحاب المجد صَوتٌ
على شَرَف الكفاح له البقاءُ
يُذيبُ مَعاطن الشُّذّاذ حتّى
يُعَطِّل وَهْجَ سامرها الفناءُ
بَني الأنذال ماالأرواح إلاّ
رَهائن يستجيب لها الفداءُ
وما مُهَج الشُّعوب سوَى طريقٍ
يجوز على مَسالكه الجلاءُ
فشُقُّوا رَمسكم فالثّأر يبكي
على دمكم ونحن له ظماءُ
وخُطّوا بالسلاح لكم سُجوناً
فَسَهْمُ العَدْل عادته المضاءُ
وعَزُّوا الأنفسَ الخرساءَ وَهْناً
فقد غرقَ التَّبلُّد والعزاءُ
فصوتُ الثّأر في الأعماق يسري
على عَذَباته يَثِب العَفاءُ
وسيفُ الحقِّ يهتف في نفوسٍ
لها منه النُّهَى والكبرياءُ
ونَار الثَّار في دَم كلِّ حُرٍّ
لها من قمَّة المجد اعتلاءُ
فذوقوا أيُّها الغُرماء ذُلاّ
فعند الضَّيم شيمتنا الإباءُ
غدرتم بالنِّساء العُزْل جُبْناً
فغامَ الجَوُّ والْتَهَب الفضاءُ
وثار الشَّعب في يده المنايا
يُسَيِّرها فتعصفُ مَن يشاءُ
بَني الأنذال ما الأيام إلاّ
شَتَائم خَطَّها لكم البَلاءُ
وما القَدَر المُوَكَّل غير سيفٍ
بكفِّ الثَّائرين له انتضاءُ
مَوائده الكتائب من فرنسا
ومِيرتُه اللّصوص الأدعياءُ
إبراهيم الدامغ ـ عنيزة