الخميس، 27 أغسطس 2009

يَوْمُ الَجزَائِرِ

على سمع الوجود طغى النِّداءُ





فحيّاه بفيلقه اللّواءُ










وزمجر في الفضاء الرّحْبِ





تَطلّع للعُلا منه السَّناءُ










كأن ملاحم التّايخ فيه





كما يَهوَى يُسيِّرها القضاءُ










تَهيم على مَواردها نُفوسٌ





لها في صفحة المجد احتباءُ










وكَم عَصفت بسيرتها اللّيالي





فما وَهنتْ عزائهما الوِضاءُ










لها في كل ّ بادرة منارٌ





يُعانقه التّطلُّع والوفاءُ










ومَن تكن الموارد ألهمته





ففي وطني لمولده رخاءُ










بَني الأمجاد هذا اليوم يومٌ





له في صفحة الدُّنيا ضياءُ










فحيّوه بمأثرة وبذْلٍ





وتضحية يخلّدها الثّناءُ










فما بَذلُ الدِّماء سوى كفاحٍ





على أشلائه يعلو البناءُ










وما شعبُ الجزائر غير شعبٍ





لَنَا فيه المحبَّةُ والإخاءُ










وما ((أوراس)) إن هتفت وثارت





سوى ((الفيحاء)) حقّ لها الولاءُ










فلبّوا داعي الأوطان واقضوا





لبانتكم فقد تَربَ الرّجاءُ










دِمَاء الطُّهر يسفكها الأعادي





على أرض أضرَّبها الشَّقاءُ










فكَم من مُهجة دارت عليها





كؤوس الغدر يترعها البغاء؟










وكَم من ثائر حُرٍّ أبيٍّ





ثَوَى في الأرض تغمره الدِّماءُ؟










مَجازر في (( الجزائر )) والغاتٌ





ضحيّتُها الكرائم والسِّباءُ










أقامتها (( فرنسا )) حين ثارت





عليها الأرض تحرسها السّماءُ










ودَمْدَم في رِحاب المجد صَوتٌ





على شَرَف الكفاح له البقاءُ










يُذيبُ مَعاطن الشُّذّاذ حتّى





يُعَطِّل وَهْجَ سامرها الفناءُ










بَني الأنذال ماالأرواح إلاّ





رَهائن يستجيب لها الفداءُ










وما مُهَج الشُّعوب سوَى طريقٍ





يجوز على مَسالكه الجلاءُ










فشُقُّوا رَمسكم فالثّأر يبكي





على دمكم ونحن له ظماءُ










وخُطّوا بالسلاح لكم سُجوناً





فَسَهْمُ العَدْل عادته المضاءُ










وعَزُّوا الأنفسَ الخرساءَ وَهْناً





فقد غرقَ التَّبلُّد والعزاءُ










فصوتُ الثّأر في الأعماق يسري





على عَذَباته يَثِب العَفاءُ










وسيفُ الحقِّ يهتف في نفوسٍ





لها منه النُّهَى والكبرياءُ










ونَار الثَّار في دَم كلِّ حُرٍّ





لها من قمَّة المجد اعتلاءُ










فذوقوا أيُّها الغُرماء ذُلاّ





فعند الضَّيم شيمتنا الإباءُ










غدرتم بالنِّساء العُزْل جُبْناً





فغامَ الجَوُّ والْتَهَب الفضاءُ










وثار الشَّعب في يده المنايا





يُسَيِّرها فتعصفُ مَن يشاءُ










بَني الأنذال ما الأيام إلاّ





شَتَائم خَطَّها لكم البَلاءُ










وما القَدَر المُوَكَّل غير سيفٍ





بكفِّ الثَّائرين له انتضاءُ










مَوائده الكتائب من فرنسا





ومِيرتُه اللّصوص الأدعياءُ










إبراهيم الدامغ ـ عنيزة








الأربعاء، 26 أغسطس 2009

فِي مَعْبَدِ الجَمَالِ

نَطَق الجمادُ ورفّت الورقاء

وهفتْ إلى لَمْع الجمال ذُكاء










وترنّحت صور الخيال بخاطري


فتأرّجتْ بعبيرها الأفياء










ياسائلي والعُجب يملأ قلبه


ماذا عشقتم أيها الشعراء؟










عجباً أراك لبستَ في إغراقنا

ثوبَ الذهول وفاتك الإجلاء










قسماً بربي لو شعرتَ بما نرى


لتعانقتْ بهديلك الأصداء










نحن الذين سكرتَ من سلسالنا

فرحيقنا لك بلسم و شفاء










نحن الذين تعطّرتْ آمالنا


وتبسّمت لوجودنا الغبراء










الليل من نفحاتنا متألّق

وإذا تجهّم نحن فيه ضياء










والمعبد القدسيّ يشهد أننا


روح الهدى والحقُّ والإحياء










ومفاتن الحُبِّ الأثير رهينة


في أفقنا والسحرُ والإغراء










نضفي على سمع الوجود عرائسا

فتهيم فيه أوانس وظباء










ونطوف في آفاق كلّ فضيلة


فنرود خلداً والخلود بقاء










والعطر والآمال والآلام في


قلب الشعور موارد عذراء










وبنو الشعور وإن سألتَ مواكب


فيها النبوّة سمحة غرّاء










يَهدون للحق المبين أئمة


ويهلّلون إذا استهلّ بناء










ويرون من حَبِّ القلوب مفاتناً


في كلّ حسن هكذا الشعراء










يترنّحون لكلّ خفق باسم


ويغرّدون إذا بكى الغرماء










ويفون إن أدجى الظلام بمحنة


والشعر إن أدجى الظلام سناء










لهم الجلال وحسنه ورواؤه


ولدى العُلا هم بسمة رفّاء










يتعشّقون رؤى الجمال وسحره


ويُؤمّنون وهم هم الأمناء










إبراهيم الدامغ ـ عنيزة



الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

عذاب السِّنين

شَبَحُ الموتِ في رِدائي وَليدٌ



وفَمُ اليأس في إهابي حُداءُ







وغِذائي من الهُمُوم نَزيْفٌ



وشَرابي مَرارةٌ واستياءُ







وسِلاحي في كلِّ خَطْبِ دُموعٌ



يَنزف القلبَ في لَظاها البُكاءُ







أسْلَمَتْني إلى الجنون الرَّزايَا



مُنْذُ أن ذَرّ في جبيني الهَواءُ







واجْتَبَتْني قَريرةَ العَينِ ( أُمِّي )



حيثُ لَمْ تَدْرِ ماتُديرُ السَّماءُ







ومن الغيب ما يُرَى وهو سِرٌّ



ليس فيه من النّعيم انتماءُ







تَتَرامى شجونُه في حياةٍ



يَرسمُ الهَمُّ دَربَها والعفاءُ







أنْجَبَتْني كَليلةً وهيِ تَهذي



قِصّةَ البؤس حيث يَروي الشقَّاءُ







بِنْتُ طفلاً على الهوان رَضيعاً



يَعصر الوهنُ هامتي والسِّباءُ







بَيْنَ يُتْم وفاقةٍ والْتياعٍ



ونزوحٍ يُجيلُه الأغبياءُ







حيث تطوي مناسمُ الدَّهر يومي



قبلَ أمسي ويَستحيلُ الرَّجاءُ







فإذا الحاضر الذي أمتطيْه



ليس فيه من الرُّواء اجتلاءُ







مَوكبٌ يَنشر الظلامُ عليه



راعفَ الحُزن فهو منه هَباءُ







كلُّ يومٍ يعودني من حياتي



يَنْهَلُ الصُّبحُ ندْبَه والمساءُ







فالليالي وإن ترامتْ بِدَرْبي



ليس فيها تألُّفٌ واحتفاءُ







تَسْرِقُ العُمْرَ غِيلةً ثُمّ تَذوي



في تنايا طُلولِها الكبرياءُ







والسُّرى الغَضُّ في إهابي نَشيجٌ



لَوَّحتهْ من الكُلوم الدِّماءُ







كلّما قلتُ أيْقَظَ الزَّهوُ قَدْري



واحتواني براحتيه السَّناءُ







داهَمَتني من الرّزايا فُلولٌ



يَعقِد البَينُ سَرجَها والبَلاءُ







حيث كانت مَلاعبي فوق كَفٍّ



من حَميم يَجُول فيها الخُواءُ







بَيْنَ راعٍ مُعَنِّفٍ مُسْتَبِدٍّ



ووصِيٍّ يَزمُّ منه الجفاءُ







في أتونٍ من الهوى مُستطيْرٍ



يَتَلَوَّى بكفَّتيه العداءُ







ومُتونٍ من الطَّوَى لاهثاتٍ



يَنسج العُريُ بُردَها والحَفاءُ







تَتَوارَى عن العيون ويَحني



رأسَها الذُّلُّ والقِلَى والعَيَاء







هكذا العُمْرُ كلُّه في وُجودي



ليس فيه من السرور ابتداءُ







تَسبَح الرُّوح في أساه وتَقضي



وهي منه بِدايةٌ وانتهاءُ







فالشباب الذي أرى فيه حُلْمي



مُشرئِبّا يَنِزُّ منه الوَباءُ







تَعتريني بِمَوْجِهِ أُمنِيَاتٌ



هُنَّ للنَّفْس مِريَةٌ وافتراءُ







والترانيمُ لَمْ تَزَل في فؤادي



مثلَما كان في سداها الرِّثاءُ







تَنْزع الأنسَ من قلوب العَذاري



حين يُروي نُفوسَهنّ الصّفاءُ







ليس للسّعي في يَدي من ربيعٍ



أحتمي فيه حين يهوي البِناءُ







فالتعاويذُ أصبحتْ في وريدي



رَثَّةَ المَنعِ ليس فيها احتباءُ







والأماسيُّ من عقودي تهاوتْ



في أديْمٍ ثوى عليه النَّماءُ







كلَّما اختال في عُروقي أَثِيْرٌ



من سَنا الفكر ذاب عنه الرُّواءُ







حيث تَسفي على صداه السَّوافي



مُعتِماتٍ ويرتديه الخفاءُ







فهو للِنور والهدى السَّمحِ نَشْرٌ



يَطمس الزَّيفُ نَفْلَه والرِّياءُ







في وجوم وغيبة وانتحال



يَنشُز الدُّرُّ عَنوةً والوفاءُ







وأنا بين واجس مستريب


وضرير يزفُّ منه الغَباءُ







وعيون تغيب فيها الأماني



يَبتليني بوَتْرها الأدعياءُ







تَسلب الزَّهرَ من ورودي وتَطوي



نازفَ العُمْر وهو منها بَراء







فإذا الفجر في حياتي غُروبٌ


وإذا الضَّوءُ ظُلمةٌ واختفاءُ







والنَّدَى السَّمحُ غُربةٌ وابتذالٌ



يَسبقُ الويلُ رَحْلَه والعَناءُ







كلّما مَرَّ بارقٌ من أَمامي



خِلْتُ نفسي قد ابتلاها الثواءُ







فالأحاسيسُ في فؤادي تَولَّى



وَجْسَها اللّوبُ راعِباً والعُواءُ







هَمْهَمَاتٌ تحوم حولي وتَعْدُو



عارياتٍ يُغِيْرُها الأوصياءُ







إن تناسَيتُ واردي في هَواها


أَشعَلَ النَّارَفي فَتيلي الإباءُ







فاستهامت بمُهجتي أُمنياتٌ



هُنَّ للغيث نسمةٌ واجتباءُ







والأمانيُّ مَوجةٌ من عَذابٍ



إن تَولَّى فُتُونَها الأشقياءُ







مثلَما تَعصِرُ الهُمومُ ابتهالي



حين يَطوي شراعَه الأصفياءُ







نَغْمَةٌ جارت اللّيالي عليها



تُوهن العُمرَ حيث عَزَّ الدّواءُ







فالجراح التي أهاجت بقلبي



ثَورةَ الشَّكَّ ليس منها الْتجاءُ







حيث كانت قوادمي والخوافي



يُلجِمُ القيدَ في جَناها الوَلاءُ







تَرسُم الوهْمَ في خُطاها الغوالي



والخُطَى حيث يَنْزع الوهْمُ داءُ







كلُّ عَيْنٍ مُريْبةٍ يَعتريني



في لَظاها من الغُرور ازدراءُ







واعتصامي بما أرى من وُجوهٍ



نافراتٍ هَزيمةُ وابتلاءُ







ليس لي من وَفائها ما يُداوي



غُلَّةَ النَّفْس حين يَذوي العَزاءُ







فهي منَّي بِمَنبت الروح لكنْ



أين منِّي وأيت منها اللّقاء؟







لَومُها المُرّ أّنني عن حِماها



عازفٌ لا يشيمني الأوفياءُ







كلُّ ذنبي جَريرةٌ لست فيها



بدْعَ مَن جاز في يديه الحباءُ







والذي يَعْسِفُ الخَيالُ إليه


ليس لِي فيه حيلةٌ وافتداءُ







غيرَ أنِّي وقد تمالكتُ نَفْسي



يَعصبٌ اللّومُ ناظري والحياءُ







أرقُب العتْبَ في حَنانٍ وَديعٍ



ليس فيه تَصَلُّب ٌواعتداءُ







فالهُموم التي أُسيمتْ بقلبي



ذابَ حولي بلفحها الأبرياءُ







بين ماضٍ مُعَتّقٍ يحتويني



طَيفُه النَّهْمُ وهو منه اجتراءُ







وحديثٍ مؤرِّقٍ لَسْتُ أدري



كيف يقضي لَدَيَّ فيه القضاءُ!







فهو منِّي بما يرى من خيارٍ


واختيارٍ يخيله مايَشاءُ







والذي يغرف الهوى من يديه



مورد العطف فهو مِنّي الهناءُ







لي إليه دلالةٌ غيرَ أنِّي


لَمْ يجزني بما يمير الثّناءُ







هكذا كنتُ والأسى في رِكابي



يَسبق الموتُ خطوتي والفَناءُ







سُنَّةٌ قادني الرَّدى في يديها



مُنذ أن ضاق في وجودي العَراءُ







إبراهيم الدامغ ـ عنيزة